أكد رئيس المعهد الكردي للدراسات والبحوث، الدكتور نهاد القاضي، ان الهدف من عقد “الحوار العربي الكردي فضاء رحب لعيش مشترك”، هو نشر فكر توحيد القوى العربية والكردية ونشر فكر الحوار والتفاهم والابتعاد عن فكر الكراهية والحقد والحروب.
تتبع الدولة التركية سياسات احتلالية في منطقة الشرق الاوسط وخاصة المناطق التي تشكل لوحة فسيفسائية مؤلفة من مكونات واطياف عديدة وذلك بهدف تحقيق طموحاتها في اعادة احياء الامبراطورية العثمانية، حيث تلجأ لجميع انواع الهجمات الوحشية منتهكة المواثيق الدولية، الا ان هناك من يقف لهذه الطموحات بالمرصاد من السياسيين والباحثين والأكاديميين والنشطاء والصحفيين من خلال عقد ملتقيات ومؤتمرات مناهضة لهذه السياسات واخرها كان لقاء “الحوار العربي الكردي فضاء رحب لعيش مشترك” والذي عقد في مدينة لاهاي في هولندا.
وفي هذا السياق تحدث رئيس المعهد الكردي للدراسات والبحوث، الدكتور نهاد القاضي، عن المحاور التي تناولها هذا اللقاء وما أهميتها في هذه المرحلة التي نشهدها من الصراعات والأزمات، حيث قال: “لقد اقام المعهد الكردي للدراسات والبحوث وبالتنسيق مع جمعية الرافدين الثقافية، جلسات حوارية ولمحاور مختلفة، حيث عقدت تحت شعار “الحوار العربي الكردي فضاء رحب لعيش مشترك” والذي تطرق فيه المحور الأول لجلساتنا الحوارية حول إشكاليات تقسيم بعض الدول قبل قرن من الزمن، على سبيل المثال الشام كيف قسمت، وبالتأكيد لم تؤخذ في حينها اراء الشعوب بل كانت قرارات لدول من خارج المنطقة وكان التقسيم نتيجة ضعف الإمبراطورية العثمانية رجل أوروبا المريض، ونتيجة التقسيم كان تجزئة احد اهم شعوب المنطقة وهم الكرد الى أربعة أجزاء في العراق وسوريا وفي تركيا وايران؛ من هذه المقدمة تجدون أهمية هذا المحور في هذه المرحلة ونحن نقترب من مضي قرن على هذا التقسيم، وحاضر في هذا المجال شخصيتين مختصين وهما البروفيسور جبار قادر احد اهم الباحثين المهتمين في تاريخ الكرد والقضية الكردية والقرارات العربية الكردية الدائمة من التقسيم المذكور، واما الشخصية الثانية كانت مختصة في قوانين واتفاقيات الأمم المتحدة وهو الأستاذ وريا قره داغي، شخصية عملت لستة وعشرين عاماً في أروقة الأمم المتحدة وتابع الكثير من القوانين والأنظمة والاتفاقيات التي بالتأكيد لها أهميتها الكبيرة في هذه المرحلة .
واردنا ان نصل منها الى مواقف بعض الدول التي تروج الى ان بإمكان تركيا ان تعيد سيطرتها على الدول المقدمة وحسب القوانين والأنظمة وهذا بعيد عن الصحة ولا أساس له، اما النقطة الثانية لأهمية هذا اللقاء هو محاولة في نشر فكر توحيد القوى العربية والكردية ونشر فكر الحوار والتفاهم والابتعاد عن فكر الكراهية والحقد والحروب، وهذا ما تتمناه تركيا وغيرها صراع مستمر بين الشعبين العربي والكردي وبقية الشعوب في المنطقة من السريان، الكلدان، الاشوريين والايزيديين، حيث تستغل انشغال الشعوب والحكومات في المشاكل الداخلية بغية مد سيطرتها وتوسعها نحو حدود وسيادة الدول الأخرى”.
وقيم رئيس المعهد الكردي للدراسات والبحوث، الدكتور نهاد القاضي، الاستراتيجيات التي تتبعها الدولة التركية في تسريب ازماتها الداخلية الى الخارج من خلال شن هجمات ضد المناطق المجاورة من جهة، ومن جهة اخرى التحالف مع دول ضد دول أخرى وقال: “تركيا تعاني من أزمات داخلية منذ فترة طويلة وتنامت في فترة ما اسمته بالانقلاب على الحكومة من قبل جماعة فتح الله كولن، فهي تحاول ان تبسط سيطرتها من خلال إعلانها والتزامها بمجموعات الإسلام السياسي من الاخوان المسلمين وميليشيات الإرهاب باسم الدين وغيرهم، وبذلك هي تدخل للشعب التركي من باب الدين الإسلامي، في وقت هي تعلن عن مواقفها والتزامها بالفكر الغربي والتطور والتحرر والحرية واحترام حقوق الانسان والعلمانية، وكلا الفكرين متصارعين منذ الازل ولا يمكن ان يلتقيا في أي مجال، ومن المعروف ان الفكر الغربي تمكن من النجاح نتيجة لفصله الكنيسة عن الدولة، وهذا ما لا يريده المد الاسلاموي بل يختلف تماما به مع الغرب، ولذلك تركيا تعاني ازمة واضحة حيث فوضى الفكر السياسي ومحاولة خلق فكر دامج بين الدين الإسلامي والديمقراطية الغربية وهذا امر محال، ويعرف النظام التركي محاولة هذا الاندماج ولكنه يحاول ان يرضي الأطراف كلها، وبذلك فهو لا يعمل بصورة صحيحة فتارة يغازل الإسلاميين وتارة أخرى يغازل الغرب والنتيجة واضحة انه سيفقد مصداقيته عند الجميع، أحيانا تراه يبكي على فلسطين اكثر من العرب انفسهم في حين هو من أعاد علاقاته السياسية والدبلوماسية مع إسرائيل وبدون شرط ولم يكتفي بذلك فهو يحاول ان ينسق بطريقة او بأخرى مع روسيا ايران وفي نفس الوقت يحاول ان ينسق مع أوروبا وامريكا وكلا الطرفين ايضاً مختلفين لحد احتماليات نشوب الحرب والتي أصبحت قاب قوسين او ادنى، لذلك العالم يطلع بشكل واضح على تخبط السياسة التركية وسيكون الخاسر الأكبر هو شعب تركيا نتيجة هذه الفوضى العارمة في سياسة حكومة أردوغان”.
وعن موقف المجتمع الدولي الصامت حيال الهجمات الشرسة التي تشنها الدولة التركية ضد الشعب الكردي مستخدمة الاسلحة الكيماوية المحظورة دوليا منتهكة بذلك المواثيق الدولية، قال الدكتور نهاد القاضي: “لقد اثارت جلستنا الحوارية هذا الموضوع بصورة أخرى، حيث وجهنا دعوة خاصة الى الشخصيات التي اعتصمت ومازالت معتصمة امام مبنى حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي هولندا OPCW وهو أحد أقارب ضحايا القصف الكيماوي التركي على كردستان وعنده الادلة الكافية والدامغة، حيث استشهاد قريبته بالأسلحة المحظورة؛ اردنا من هذا الموقف ان نوجه رسالة الى هذه المنظمة التي نراها تكيل بمكيالين في قراراتها وموقفها تجاه استعمال الأسلحة الكيماوية في كردستان، وهذه ليست المرة الأولى التي بقيت صامتة عند هذا النوع من الاجرام، فسبق لها ان التزمت الصمت خلال فترة نظام الدكتاتور صدام حسين واستعمال الأسلحة الكيماوية المحظورة في عمليات الانفال سيئة الصيت وقصف حلبجة التي صمت عنها المجتمع الدولي في حينها ايضاً.
ان عدم تحرك المجتمع الدولي ضد اعمال القصف الكيماوي التركي تتركز على عدة نقاط أهمها ان تركيا عضوة في حلف الناتو وان أي اعتراف بهذا الموقف يعني وضع حلف الناتو في موقف حرج لكون تركيا استخدمت أسلحة الناتو بصورة غير صحيحة مخالفة للقوانين الدولية، والنقطة الثانية التي يتجنبها الاتحاد الأوروبي دوما هو تهديد أردوغان المستمر للمجتمع الأوروبي بموجات اللجوء، حيث يتواجد في تركيا اكثر من ثلاثة ملايين ونصف من اللاجئين السوريين ونصف مليون من العراق وايران وأفغانستان وبعض اللاجئين من دول شمال افريقيا، حيث منح الاتحاد الأوروبي سبعة مليارات دولار الى تركيا من اجل دعم اللاجئين في تركيا وإبقاء اللاجئين المذكورين فيها، ولكن تركيا تطالب بأربعين مليار دولار إضافة لما استلمته فهي تحاول ابتزاز الغرب الأوروبي والضغط عليهم من خلال تجارة البشر وتهجيرهم الى دول الغرب، وبالتأكيد يراعي المجتمع العالمي تركيا بصمته عن جرائمه الدولية البشعة إضافة لما ذكرناه أعلاه هو الحالة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها دول العالم والتضخم الاقتصادي في العالم نتيجة ازمة الطاقة الدولية والحرب الروسية الأوكرانية”.
وفي ختام حديثه أشار رئيس المعهد الكردي للدراسات والبحوث، الدكتور نهاد القاضي، الى الحركات النسائية ونضال المرأة ضد الذهنية الذكورية وحملها للسلاح في مواجهة اشرس التنظيمات الإرهابية الا وهي تنظيم داعش الإرهابي والإرادة التي تمتلكها في إدارة منطقتها وخاصة في مناطق شمال وشرق سوريا، حيث قال: “من اهم المحاور التي قدمتها جلسات اللقاء هو محور الحركات النسائية في الشرق الأوسط والنضال من اجل مستقبل افضل، وقد قدمتها الزميلة الأستاذة دلشا عثمان وحاضرت فيها الأستاذة دجلة عفرين، وهما من النساء المناضلات والناشطات في مجال حقوق المرأة ودفاعهن المستمر عن مواقفها، حيث تطرقت الأستاذة دجلة عفرين بكل وضوح الى ضعف الوعي في المجتمعات الشرق أوسطية تجاه المرأة وحقوقها، ووضحت الكثير عن نضالاتها في هذه المنطقة سواء كانت المرأة العربية او الكردستانية، وتكلمت عن المجتمع الشرق الاوسطي وكيف يتعامل مع المرأة الى حد القتل من قبل عائلتها تحت مسميات الدفاع عن الشرف وغسل العار، مشيرة بذلك الى المجتمع الذكوري الذي يحاول ان يستغل الدين ويقلب في موازينه تجاه المرأة وحقوقها، وبالتأكيد وصفت نضالات المرأة في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في شمال وشرق سوريا وكيفية ادارتها للمناطق التي تلتهمها الحروب والإرهاب الداعشي والغطرسة التركية وكيف ان إدارة هذه المناطق كانت بالمناصفة الكاملة بين الرجل والمرأة ما يشير انها المنطقة الوحيدة التي تساوت بها المرأة بالكامل مع الرجل وبدون أي تفاضل وأصبحت اكاديمية خاصة تستحق التدريس في دول العالم اجمع.
ان المرأة هي المجتمع بأكمله وليس كما يقول البعض انها نصف المجتمع لأنها الام والمربية للأطفال الذين يصبحون رجالاً فيما بعد، وهي المدافع عن الأرض والعرض وهي التي تدير اقتصاديات العائلة وتديرها رغم إشكالياتها، ماذا نريد أكثر من المرأة وقد قيل سابقاً ان وراء كل عظيم امرأة فما بالكم إذا حملت السلاح فكيف ستكون الأرض التي تدافع عنه، بالتأكيد ستنال حريتها”.