ندوة حول “العرب والأكراد في مواجهة الأطماع التركية”

In نشاطاتنا

بتاريخ 12 أغسطس 2020 استضاف المجلس ندوة مغلقة، حول “العرب والأكراد في مواجهة الأطماع التركية”، بمشاركةٍ كلٍ من: الأستاذ/د. رجائي فايد – رئيس المركز المصري للدراسات الكردية، السفير /عبد الرحمن صلاح، والسفير/ حازم خيرت- أعضاء المجلس، ومن الجانب الكردي: السيد/ محمد أرسلان علي- مدير مكتب أنباء فرات القاهرة، والأستاذ/ الملا ياسين رؤوف – رئيس مكتب الاتحاد الوطني الكردستاني بالقاهرة، وأدار الندوة السفير/د. عزت سعد- مدير المجلس.

بدأت أعمال الندوة بترحيب السفير/د. عزت سعد بالمشاركين، منوهاً لأن الندوة تأتي في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة وبصفةٍ خاصة الممارسات التركية في منطقة شرق المتوسط وشمال إفريقيا والتي تهدد الأمن القومي للعديد من الدول، وتستوجب أهمية التعاون لمواجهة تلك الأطماع.            

وفي هذا الصدد نوَه لأن الندوة سوف تركز على المحاور التالية: 

  • الإرث العثماني في مصر/ وهم العثمانية الجديدة.
  • الأطماع التركية في المنطقة.
  • فرص توحيد القوى الكردية ومواقف الأطراف الفاعلة (تركيا- الولايات المتحدة- روسيا).
  • إسرائيل والتقارب العربي/الكردي.
  • فرص التقارب العربي/الكردي لمواجهة العدو المشترك ( القواسم المشتركة والتباينات).

أولاً: الإرث العثماني في مصر، ووهم العثمانية الجديدة:

في مداخلته حول المحور الأول تحدث أ.د. رجائي فايد-عضو المجلس ورئيس المركز المصري للدراسات الكردية، حيث أكد أن حديث أردوغان عن عصر الدولة العثمانية كثيراً مايستميل بسطاء المسلمين، ويشعرون بالحنين لما يتردد عن إنجازات أجداده العثمانيين، ويحلمون بتحقيق وعودة الخلافة الاسلامية، متغافلين عن بعض الحقائق التاريخية من غياب العدالة في عهد الدولة العثمانية، وانتشار العداء والممارسات التي لاتنتمي للإسلام، وبصفةً خاصة ماجرى في مصر، التي عانت لمدة 3 قرون من حكم تلك الخلافة ، التي تركت في التاريخ المصري فترة لايمكن أن يسمح المصريون بتكرارها بأي حالٍ من الأحوال.

فمع قدوم السلطان سليم الأول إلى مصر، وانبهاره بالقاهرة ، وجمالها وبما تمتلكه من حضارة معمارية من مدارس وجوامع وأسبلة، فقام بإلقاء القبض على 3000 من مهرة المعماريين ، وأرسلهم إلى إسطنبول لكي تحاكي القاهرة، وتبدأ العمارة في تركيا، في حين بدأ عصر الظلام في مصر، وخوفاً من التقلُب السياسي داخل الدولة العثمانية أكد أن الدولة العثمانية هي وريثة للدولة العباسية، وأجبر آخر الحكام العباسيين على التنازل عن السلطة وقام بأسره، ومن الجدير بالذكر أن العثمانيين لم يكن لهم أي وجود سياسي بالمنطقة، وأن من جلبهم للسلطة، هو الخليفة العباسي المعتصم، الذي وجد أن أهل بغداد لم يعودوا قادرين على حماية دولتهم، لذلك جلب المماليك الترك، وشكَل منهم وحدات عسكرية لحماية البلاد ، ولكن تزامن مع ذلك سعي السلطان سليم الأول لأخذ الخلافة من العباسيين، خاصةً وأنه كان قد تم نقل المماليك من بغداد، نظراً لما أثير منهم من أعمال شغب وعدم إمكانية بقائهم فى بغداد، ووصفت بعض كتب التاريخ كما وصفهم -أبو حيان التوحيدى- بعض صفاتهم فذكرت بأنهم (أهل شجاعة ولكنها كشجاعة البهائم بلا عقل )، نظراً لما يغلب عليهم من صفات البداوة، ومن هنا أنشأ الخليفة المعتصم مدينة سامراء على بعد مائة كيلومتر من بغداد وقام بنقلهم إليها ، وبعد سنوات أصبحوا ذو قوة ونفوذ، فقضوا على آخر الخلفاء العباسيين المتوكل. ومنذ ذلك الحين بدأ نفوذ العرب يتلاشي، واستولى الأتراك على مفاصل الدولة الإسلامية، وساهموا بالنصيب الأكبرفي ما أصاب العالم العربي والإسلامي من تدهور، حيث سعوا للحصول على خيرات ومقدرات الدول دون الاهتمام بأحوال الرعية، بل ووصل الأمر لتدهور أحوال الرعية وانتشار المجاعات بعد أن ترك الفلاحين لأراضيهم نظرًا لما يعانونه من نهب وسرقة، وأنشئ نظام الالتزام حيث يقوم أحد المماليك بدفع مايترتب على قرية أو عدة قرى بموجب صك الالتزام مقدماّ للباب العالي ثم يسعى لاسترداد عمَا يزيد بكثير عن ما سدده للباب العالي من أموال بأي طريقة كانت، بل كان يأخذ الأبناء والزوجات رهائن لضمان مايحدده من أموال مطلوب سدادها، وفي ظل هذا الوضع المزري ، انتشرت الأمراض، وتفاقمت الأوبئة، ووصل الأمر في ظل ذلك إلى انخفاض عدد السكان في مصر في فترة الحكم العثماني من 8 ملايين نسمة إلى نحو 2.5 مليون ، كما انخفض عدد السكان في مدينة القاهرة من 2 مليون إلى 300 ألف نسمة، كل ذلك خلال فترة حكم العثمانيين لمصر(1517ـ1805).

ولم تقتصر العلاقة السيئة على الشعوب التى إحتلها العثمانيين، بل حتى بين بعضهم البعض فكانت هناك قوانين تسمح للسلطان بقتل إخوته لضمان عدم مزاحمته على السلطة، وكان يتم إصدار الفتاوى بما يتوافق مع أهواء الحاكم، وفي هذا الصدد فإن العثمانيين هم الذين ابتكروا منصب (مفتي السلطان)، حيث كان يحلل مايرتبكون من جرام (سأل أحد السلاطين المفتي عن جواز قتل الإخوة، فقال المفتى: أليس في وجودهم مايلحق الضرر بالدولة الإسلامية ويؤدى إلى الفتنة، إذاً فقتلهم حلال لأن الفتنة أشد من القتل).

– في هذا الصدد أكد السفير/د.عزت سعد- مدير المجلس، أن التاريخ لم يرصد ولم يسلط الضوء على هذه الجرائم والانتهاكات بل أُلِّفت كتب تتحدث عن أن مايروج من انتهاكات في عصر العثمانيين مجرد افتراءات كما هو الحال في كتاب”الدولة العثمانية دولة إسلامية مفترى عليها”، وهو من 3 مجلدات، ومن هنا فلاتزال هناك حاجة لتدقيق هذه المرحلة الهامة من التاريخ، وكذا عصر محمد علي الذي تصوره الكتابات عادة على أنه مؤسس للدولة المصرية الحديثة، وتغافلوا عن كتابات أخرى تحدثت عن أن كل ماكان يسعى إليه هو تأسيس إمبراطورية في مواجهة الإمبراطورية العثمانية وتحقيق مجد شخصي وانه كان يلجأ لتعيين الأجانب في المناصب الحساسة في الدولة دون المصريين، مما يعني أن هناك حاجة لتدقيق التاريخ المصري.

ثانياً: الأطماع التركية في المنطقة:

في استعراضه لهذا المحور، أكد السفير/ عبد الرحمن صلاح-عضو المجلس أن الندوة تأتي في وقتٍ هام في ظل ماتواجهه المنطقة من توترات فضلاً عما تواجهه من قضايا إقليمية ووطنية تتم معالجتها في الداخل التركي، حيث يعتقد الجميع أن المسلك التركي أصبح واضحاً إقليمياً ودوليًا، وهو ماقد يُهدِد بنشوبِ أزمة كبيرة قد تصل إلى حرب لتغيير أوضاع التوازن الدولي في المنطقة.

الواقع أن نظام الرئيس رجب طيب أردوغان يواجه مشكلة داخلية وإقليمية، حيث تتمثل الأولى في تهاوي الاقتصاد التركي خلال السنوات الأخيرة وهذا لايعود فقط منذ بدء تفشي جائحة كورونا وإنما لتخليه عن الأساليب العلمية الرشيدة التي اتبعها الحزب منذ عام 2002 وأدت لنجاحٍ كبير حتى عام 2012 وجعلت من الدولة التركية نموذجاً للإصلاح الاقتصادي، بل ويُمكن القول أن تركيا كانت الدولة الوحيدة التي طبقت خطة صندوق النقد بشكلٍ حرفي واستعانت بالخبراء الأتراك المنتدبين في المؤسسات الدولية دون مراعاة انتماءاتهم لحزب العدالة والتنمية من عدمه. إلا أن التخلي عن هذه الأساليب واتباع نهج التقارب من الأصدقاء والمعارف قد أدى لهذا التدهور الذي لم يقتصر على الجانب السياسي فقط، بل امتد التدهور للجانب الاقتصادي والذي تمثل في انهيارالعملة التركية وارتفاع حجم ديون الحكومة التركية للشركات التركية حيث  توسعت الحكومة في ديونها في السنوات العشر الأخيرة، وعدم قدرتها على السداد مما ضاعف بدوره من انهيار العملة.

هذا التدهور ساهم بدوره في خسارة نظام أردوغان للانتخابات البلدية الأخيرة، وهو مادفع حزبه لمشاركة أحزاب أخرى في الحكم، ولكن في ذات الوقت لايزال نظام أردوغان يُواجه الأكراد بالعنف متغافلاًعن كونه عنصراّ هاماّ في مكونات الدولة التركية ، ممَا أدى إلى مزيدٍ من تفاقم من الأوضاع الداخلية في ظل استخدام أدوات القمع والاعتقال ووصف المعارضين بالإرهابيين.

المشكلة الوطنية الأخرى، تتعلق بالنهج العلمي الذي انتهجه حزب العدالة والتنمية من أجل تحقيق التماسك الوطني وبالتالي الإعجاب الدولي بتجربة تركيا، ومنذ عام 2011حيث بدأ ماسُمِي بالربيع العربي مما دفع بأردوغان إلى حلم قيادة المنطقة التي سوف يحكمها وفق مفهومه في الإسلام السياسي ومن هنا برز على السطح مفهوم العثمانية الجديدة الذي بدأ أردوغان في الترويج له.

وهناك عنصر حاسم كذلك عند النظر للسياسة الداخلية التركية يرتبط بعلاقة النظام التركي بالجيش فمنذ محاولة الانقلاب الفاشل عام 2016 وهو يحاول إشغال الجيش التركي في عمليات خارج البلاد يصفها بأنها عمليات وطنية من أجل القضاء على الإرهابيين وحماية الأمن القومي التركي.

وعليه فالتحوُل الاقتصادي وكذلك السياسي لتبني الهوية الإسلامي لم يتم طرحه فقط من أجل مشاكل داخلية وإنما إقليمية ودولية أيضاّ، بحيث أنه لم يعد ذلك النموذج الذي تنظر إليه الدول إلإقليمية والدولية المؤثرة على أنها دولة ذات أغلبية مسلمة منفتحة، إذ تخلت  إقليمياً عن سياسة “تصفير المشاكل” أي صنع الصداقات وحل المشاكل بالطرق السلمية وخلق جسور من التواصل عبر التجارة الحرة والاستثمارات التركية في دول المنطقة والاتصال الحر، بل تحولت لسياسة مغايرة “تصفير الأصدقاء” فأصبح لديها مشاكل مع دول الجوار.

وعليه فهذه التغيرات القومية والإقليمية عزَز منها تحول أردوغان من استخدام أدوات القوة الناعمة التي كان يعتمد عليها خلال العقد الأول من حكمه إلى تبني أدوات الإكراه والتدخل العسكري في سوريا والعراق وفي ليبيا مؤخراً، وبدأ يرى أنه لابد من مواجهة العزلة الإقليمية التي تواجهها تركيا، وهو ماأكدته تصريحاته الأخيرة خلال اجتماعه بمجموعة من الوزراء أنه لن يسمح “لتركيا الكبرى بأن تحاصر بحرياً وإقليمياً” ورغم دعوته لدول حوض المتوسط برسم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة لكنه سيفرض على الأرض الموقف التركي.

والواقع أن أردوغان يرى أن عام 2023 سيكون نقطة حاسمة في تاريخ الدولة التركية ويعني التخلي عن معاهدة لوزان التي أجحفت بالدولة التركية، وستنهي 100 عام من الجمهورية الأولى للدولة التركية التي أسسها أتاتورك وأن الجمهورية الثانية لابد أن ترتبط باسمه هو، وأن الهوية العثمانية ستكون هوية هذه الجمهورية، وهو مايطرح تساؤلاً هل هذا يعني تحدي أردوغان للقواعد والاتفاقيات الدولية في ظل سعيه لتخليه عن اتفاقية لوزان وماترتب عليها؟

وعلى الجانب الآخر، وفيما يتعلق بموضوع الهوية التركية، فالواقع أن أردوغان يسعى في إطار تدخلاته في العديد من دول المنطقة  بالسعى إلى حماية التركمان الموجودين في سوريا والعراق بل وسعى لإعطاء الجنسية التركية لأولئك التركمان المتواجدين في لبنان. ولكن وعلى جانبٍ آخر، وفيما يتعلق بالهوية الكردية، فإن الرئيس التركي سعى خلال العشر سنين الأولى من حكمه لحل الأزمة الكردية والسعي لإطلاق عملية سلام مع الأكراد وكان أول سياسي تركي منذ أتاتورك يشير صراحةً في البرلمان التركي إلى كردستان في إطار عثماني. وذات الأمر ينطبق على وجهة نظره حيال الدول العربية التي يرى أنها كانت جزءاً من الدولة العثمانية لمدة 5 قرون.

إلا أن وجهة النظر هذه بدأت في التحوُل وتمثلت فى مشاكل داخلية نتيجة عدم قدرته على الحكم وحده فتحالف مع المتطرفين وبدلاً من الوصول لحلٍ سياسي يحقق للأكراد هويتهم القومية في إطار الدولة التركية إلا أن النظام التركي انتهج نهجاً أكثر عداوة للأكراد وأصبح وسيلة لكسب التأييد السياسي داخل تركيا، وهذه الممارسات لم تقتصر فقط على الأكراد بل إن الشهور الـ8 الماضية كلها شهدت عمليات عسكرية تركية في سوريا والعراق وليبيا من خلال استخدام المقاتلين في سوريا.

منوهاً لأن الهدف من هذه العمليات العسكرية جميعها إثبات أن تركيا يمكن أن تتسبب في مشاكل لدول المنطقة والانتقال الراهن من النموذج القائم على التوفيق إلى نموذج مفسد،  وهو مابرز في تصريحاته على أن التعاون من أجل استقرار العراق يجب أن يتم من خلال التدخل عسكرياً، وبالإضافة لهذا الدور التدخلي فإن أردوغان يقع عليه عبء مساندة الإسلام السياسي في دول المنطقة وأصبح أساساً للعلاقات التي تربطه بدولٍ كثيرة في المنطقة ومن هنا خسر علاقاته بمصر والسعودية والإمارات والسودان بعد سقوط نظام البشير، بعد عدائها لهذا الفصيل بل وأصبح مهتماً بتدخله في الشئون الداخلية لكلٍ من تونس والجزائر والمغرب.

وعند الانتقال من الأطماع الإقليمية للعلاقات الدولية، نجد أن أردوغان انتقل دوره من الدولة النموذج والعضو في حلف شمال الأطلنطي الساعي للانضمام للاتحاد الأوروبي كدولة علمانية رغم أن 99.9% من سكانها مسلمين، وسعيها طوال عقد من حكم حزب العدالة والتنمية لحل المشاكل مع إسرائيل ودول الجوار والترويج للعلمانية الديمقراطية. إلا أن هذا النموذج تغيَر اليوم وأصبحت تركيا مهددة للاستقرار في المنطقة كونها تهدد صراحة دول الاتحاد الأوروبي عبر فتح الطريق أمام الهجرة غير الشرعية لملايين المهاجرين الذين تستضفيهم على أرضها والذين استضافتهم عندما فتحت لهم أبواب الدخول دون تأشيرات، هذا بالإضافة للمقاتلين الأجانب الذين تستضيفهم للقتال في سوريا ولم يعودوا أداة بيد تركيا بل أصبحوا عبئاً عليها، وهناك دراسات عديدة تتحدث على أن بعض أعضاء داعش من الأتراك أنفسهم وبالتالي فكيف سيتعامل معهم النظام التركي. الواقع أن أردوغان مضطر لإبعادهم من خلال نقلهم إلى ليبيا وغيرها وهذا عنصر عدم استقرار بالنسبة للمجتمع الدولي الذي لايزال محافظاً على ظلال هذه المجتمعات ويستخدمها لتحقيق مصالحه.

وعلى صعيد العلاقات المصرية/التركية، فإن السياسات التركية بشكلٍ عام أدت لحالة من العداء بين البلدين وهذا لايعود فقط نتيجة لدعم النظام التركي للإخوان المسلمين وإيوائهم واستخدام التمويل القطري لتمويل أنشطتهم، بل وبدأ في تهديد الأمن القومي لمصروغيرها من دول المنطقة عبر تدخلاته في أزمات المنطقة في محاولة منه لكسر العزلة، بل وتعاونه مع منظمات الإسلام السياسي والمدرجة على قوائم الإرهاب الدولي، بل ووصل الأمر به لتهديد الأمن القومي المصري من الحدود الغربية من خلال نقل هؤلاء المقاتلين لليبيا مادفع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للتأكيد صراحةً بأن مصر لن تسمح بتجاوز خط سرت الجفرة واصفاً إياه بأنه خط أحمر.

الواقع أن العالم الغربي يجري اليوم مراجعات تم التعبير عنها من قبل العديد من المفكِرين والمحللين والساسة الذين طالبوا بتغيير السياسات الغربية والأمريكية تجاه تركيا كونها أصبحت مهددة للاستقرار في المنطقة بل وقد يصل الأمر إلى حرب ومواجهة مع دول عضو في حلف الناتو.

الواقع أن السياسات التركية لايُتوقع ان يغيرها نظام أردوغان بشكلٍ اختياري بل إن تغييرها سيتم من خلال فرض الأمر الواقع عبر تحالف إقليمي من الدول المؤثرة تتفق فيما بينها على ضرورة مواجهة السياسات والأطماع التركية ويجب أن يتم ذلك قبل العام 2023 لأنه في حال التغافل عن ذلك فقد تكون هناك أزمة كبرى بين القوى الإقليمية والدولية من جهة وتركيا من جهةٍ أخرى.

– تعقيباً على ماطرحه السفير/عبد الرحمن صلاح، تساءل السفير/د. عزت سعد عن إمكانية بلورة دعمٍ أوروبي لإئتلاف إقليمي لكبح السياسة التركية؟

في هذا السياق، أكد السفير صلاح أن السياسة المصرية تحاول التنسيق بين المواقف الإقليمية والدولية المختلفة من خلال التأكيد في العديد من المشاورات على أن السياسات التركية تمثل خطراً حقيقياً على كافة الأطراف فمثلاً بدأ الاتحاد الأوروبي يدرك أن أردوغان أصبح يمثل تهديداً لأي تعاون إقليمي بين ضفتي المتوسط في مجال الطاقة ولأية مشاريع مستقبلية، فضلاً عن تهديد خطير آخر يرتبط بتهديد أردوغان لفتح باب الهجرة غير الشرعية لأكثر من 3 ملايين لاجئ تستضيفهم على أراضيها  لدول أوروبا وهو مايمثل تهديداً لدول الجوار الأوربية وبصفةٍ خاصة ألمانيا. وعليه فإن الدولة التركية تحولت في عهد هذا النظام من بلدٍ مرشَح لأن يكون أحد أعضاء الاتحاد إلى دولة مهددة لسياسات الاتحاد ومخالفة لكافة أسسه من خلال ممارساتها في ملف الديمقراطية وحقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي، بل ووصل الأمر لانتهاك قواعد التوافق مع دول الجوار والتفاوض لحل أية خلافات والتي هي أساس لقيام الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن أنه أصبح مهدداً لمستقبل اتفاقية لوزان في ظل سعيه للانسحاب منها معلناً أنها تنقضي بعد 100 عام مع العلم أن الاتفاقيات الدولية لاتنقضي إلا بعد موافقة أطرافها. وعليه فكل هذه التهديدات تلقي على القوى الإقليمية والدولية، وليست على مصروحدها فقط، العمل بنشاطٍ أكبر لتحجيم الدور التركي المزعزع لاستقرار المنطقة والمضطهد للقوميات، مشيراً لأن هناك تحليلات تطالب الولايات المتحدة بتغيير سياساتها تجاه النظام التركي والسيد/ فايز السراج رئيس وزراء حكومة الوفاق الليبية، خاصةً وأنه لم يعد من المجدي استخدام تركيا- الدولة العضو في الناتو- لتحقيق التوازن في مواجهة النفوذ الروسي في المنطقة خاصةً وأن النظام التركي لايمثل سوى صداع استراتيجي للولايات المتحدة الذي لايوازن بل يبرم الصفقات مع روسيا كما حدث في كلٍ من ليبيا وسوريا، والبدء في استخدام النموذج المصري كبديل كونه يتمتع بعلاقات جيدة ومتوازنة مع كل من الولايات المتحدة وروسيا ويستطيع تحقيق التوازن الفعلي في المنطقة.

ثالثاً: فرص توحيد القوى الكردية ومواقف الأطراف الفاعلة (تركيا- الولايات المتحدة- روسيا):

حول هذا المحور تحدث أ. محمد أرسلان – مدير مكتب وكالة أنباء فرات القاهرة، الذي أكد أن العقل الكردي عانى ممَا تم اتخاذه في الماضي من سياسات عرقلت تنفيذ المعاهدات التي تم إبرامها للحفاظ على حقوق الأكراد، ورغم محاولات تأسيس دولة تضم الكيان الكردي إلا أن كافة المحاولات قد تعرقلت لأسباب داخلية او خارجية حالت دون تحقيق توحد الأكراد في المناطق الجغرافية المختلفة. وبعد اندلاع ثورات الربيع العربي حاول الأكراد في سوريا إقامة مؤسسات لتقديم الدعم في ظل تدهورالأوضاع في سوريا إلا ان الفصائل الكردية لم تتوحد تحت هذا الحلم حيث أن كل فصيل رأى في ذاته الحق لملء الفراغ وانشغلت تلك الفصائل بحماية أراضيها من أي تدخلات خارجية.

الواقع أن للأكراد دورٌ هام في تحقيق الاستقرار حيال أكثر أزمات المنطقة تعقيداً وهي الأزمة السورية، خاصةً وأن نظام الحكم المقرَر تطبيقه في سوريا وأي محاولات للتقارب الكردي/ الكردي سيكون مفتاحاً هاماً لحل الأزمة في سوريا وسيمتد ذلك إلى العراق وتركيا وإيران. ورغم وجود إملاءات خارجية تحاول عرقلة ذلك إلا أنه توجد قوى أخرى تسعى لتوحيد المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي كما تم في العراق عام 1998 ليكون ذلك في سوريا. ومع التحول الذي تشهده الدولة السورية مع تطبيق قانون قيصر فهناك مساعي وحوار كردي حقيقي لتوحيد تلك الفصائل وإنشاء كيان كردي داخل الدولة السورية بما يحافظ على أن سوريا دولة ذات سيادة والمطالبة بإعطاء الفصائل الكردية لحقوقها السياسية يكون لها مرجع سياسي والنظر للأكراد على أنهم جزء من النسيج السوري. وهذه الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين الأكراد كان للدور الفرنسي والأمريكي في سوريا، حيث يرى أكراد سوريا أن يتم الضغط للوصول لحل في العراق وإيران وتركيا.

منوهاً لأن أحد المسببات لفشل مؤتمرات المصالحة في سوريا كسوتشي هو فشل توحيد الأطراف الكردية وتشرذم الموقف السوري ودخول أطراف دولية، ولكن الحوار الكردي/ الكردي اليوم سيساهم في قطع الطريق أمام أي محاولات من قبل بعض الأطراف الدولية لفرض رؤاها، وسيمثل نقطة فاصلة أمام هذه القوى التي تسعى لاستغلال الانقسام الكردي والسعي لاستغلال طرف على حساب الآخر للتدخل في الشأن السوري، كما أنه سيوفر الحماية الذاتية للقومية الكردية ضمن الدولة الأم  بدلاً من الاعتماد على أطراف خارجية لتوفير الحماية، كما كان يتم الاعتماد على الولايات المتحدة لحماية الأكراد في شمال سوريا ولمواجهة الأطماع التركية إلا أن الموقف الأمريكي ليس كما هو الحال في 2014 حيث أصبح موقف يمتاز بالضبابية خاصةً بعد قرار الانسحاب من الشمال السوري، وتركت المناطق الكردية للأطماع والغزو التركي، ومع التدخل الروسي عاودت الولايات المتحدة التدخل من جديد وتغيرت أوراق اللعبة واصبحت هناك حاجة فعلية للحوار بين القوتين العظمتين لتهدئة حدة التوتر في ظل اختلاف رؤى القوتين ونفوذهما، حيث أن موسكو سعت في كل المنصات حل الأزمة كسوتشي وموسكو في ضرب المعارضة السورية وفرض سيادة الدولة السورية على الأرض وتنفيذ عملية سياسية حقيقية، واليوم تحاول روسيا إقناع النظام بتغيير نهج التعامل مع المعارضة ومحاولة توحيد صفوفهم وتوحيد الأكراد وهو مايمثل ضربة للنفوذ الأمريكي هناك. ولكن وعلى النقيض من ذلك تحاول كلُ من تركيا وإيران عرقلة أي حوار كردي/كردي خاصةً وأن لكلاهما نظرة لأن تكون سوريا ساحة أولى للتعاون والسيطرة على أية تطلعات كردية. بتوحيد المناطق ذات الكثافة الكردية مادفع الجانبان للتعامل مع القضية الكردية على أنها قضية أمن قومي للجانبين وأنه لايجب توحيد القوى الكردية وعليه فالحوار الكردي/الكردي سيقطع الطريق أمام هذه الأطماع ومحاولات استغلال موقف طرف على حساب الآخر.

الواقع أن القضية الكردية ليست قضية داخلية بل قضية إقليمية ودولية خاصةً وأن تلك القوى هي من تسببت في تقسيم لجغرافية كردستان في عشرينيات القرن الماضي بين 4 دول، داعياً الدول العربية للتحرك وعلى رأسها مصر والتنسيق مع المؤسسات الدولية والإقليمية لتحقيق التوحد الكردي والذي سيكون وسيلة هامة لمواجهة أطماع قوى إقليمية تسعى لفرض أجندتها في المنطقة كما أن هذا التعاون سيحدد العلاقة المستقبلية بين العرب والأكراد.

– تعليقاً على ماذكر، تساءل السفير/ عزت سعد عن حقيقة ضبابية الموقف الأمريكي تجاه أكراد سوريا، فبعد الانسحاب الأمريكي عام 2019 لوحظ التَخلِي الأمريكي عن الأكراد وهم شركاء رئيسيين في مواجهة داعش واليوم هناك ترتيبات لبيع النفط الموجود في المناطق الكردية؟

– نوَه الأستاذ رجائي فايد أن الإدارة الذاتية في سوريا تخضع لحزب العُمَال الكردستاني وليست للبرزاني ورغم تصنيف حزب العمال على أنه إرهابياً إلا أنه هناك زيارات أمريكية لجبل قنديل معقل الحزب، فما هو تفسير ذلك؟

تعقيباً على هذه التساؤلات أكد أ. محمد رسلان على النقاط التالية:

– أن عدم الوضوح الأمريكي تجاه أكراد شمال سوري يعود لأهمية العنصر الكردي في الشمال فقد كانت الولايات المتحدة تريد الاعتماد على العنصر الكردي في العراق وأنصار مسعود برزاني للسيطرة على المنطقة (موحدين تحت جبهة المجلس الوطني الكردي) بدلاً من أكراد سوريا، وكان هذا وفق مخطط أمريكي كردي /عراقي/تركي لكنه لم يتحقق، في ظل وجود خلافات بين الأكراد أنفسهم فالفصيل المختلف مع مسعود برزاني يرفض المخطط الأمريكي التركي ولايريدون دولة كردية منفصلة ومستقلة، بل أن تكون هناك دولة فيدرالية متعددة القوميات مع الحفاظ على الحدود كما هي واحترام سيادة الدولة الأم.

– استخدمت الولايات المتحدة العنصر الكردي للقضاء على داعش. لكن قبل ذلك عملت أمريكا على دعم بعض فصائل المعارضة المتواجدة في تركيا من خلال دعمهم لوجيستياً وعسكرياً في تركيا، إلا أنهم انضموا لصفوف جبهة النصرة وهذا ما دفع الولايات المتحدة للبحث عن فصائل أخرى لمحاربة داعش. لعب الاتحاد الوطني الكردستاني دوراً في التقريب الكردي الأمريكي للوصول للتحالف عسكري للقضاء على داعش، وتغيَرت الخطة الأمريكية في 2017 حيث رغبت واشنطن في استخدام العنصر الكردي لمحاربة إيران وقوبل ذلك برفض كردي وهو ماأغضب الولايات المتحدة وأعلن ترامب في حينها الانسحاب من المناطق الكردية وترك الأكراد لقمة سائغة لتركيا ولكن ومع وجود ضغط إقليمي ودولي ومخاوف من تمدُد تركيا تراجعت الولايات المتحدة في ظل ماوجد من تعاون كردي مع روسيا وحدوث تفاهمات مع الفصيل الكردي والحكومة السورية برعاية روسية. وربما يؤدي هذا لتفاهمات مع شركات روسية للتنقيب عن النفط والغاز في المناطق الكردية، فضلاً عن مشروعات إعادة الإعمار المقرر تنفيذها بالتعاون مع الأطراف الفاعلين، ومع اقتراب الأزمة من الحل والتسوية بعد انتهاء معركة إدلب مابين سوريا وروسيا من طرف وتركيا والإرهابيين من جهة أخرى ستدخل تلك المشروعات والتفاهمات التي تشارك فيها أطراف عربية موضع التنفيذ.

– أن القرارات والموقف الأمريكي يتغيَر وفقاً للسياسات والمصالح الأمريكية، وتحجيم دور كلٍ من تركيا وإيران في المنطقة، والوقوف أمام أطماعهما وهو مايلقي على عاتق الاكراد دور كبير في ظل حالة الضعف الأوروبي، ولتحقيق ذلك فهناك حاجة للتعاون مع الأطراف الكردية للوقوف امام الأطماع التركية واعتقد أنه من هنا كانت الزيارة لمقر حزب العمال الكردستاني لها أهمية، خاصةً وأنه رغم إدراجه على قوائم الإرهاب فهذا لم يتم مع تأسيس الحزب،بل في 2002 لكن عندما شعرت الولايات المتحدة أنه هناك رغبة في توجه الحزب لحل القضية الكردية سياسيًا وليس بالكفاح المسلح، ولكن ومع التمدد التركي اليوم رأت الدول الغربية وبما فيها واشنطن أنه يمكن استخدام الحزب لمواجهة هذه المطامع واستخدامه كورقة للضغط على تركيا من أجل الانسحاب من مناطق الشمال السوري وكذا العراق.

رابعاً: إسرائيل والتقارب العربي/الكردي:

نوَه السفير حازم خيرت- عضو المجلس في مداخلته حول هذا المحور إلى أن التقارب العربي مع الأكراد يثير حفيظة إسرائيل التي حاولت منذ تأسيسها استمالة إقليم كردستان ودعمه بكافة الصور، ورغم عدم وجود وثائق تدل على العلاقة الطيبة بين إسرائيل والشعب الكردي، إلا انها لاتعدو عن كونها تصريحات إعلامية. وفي ظل أن العلاقات لاتبنى بالعواطف فلاتزال العلاقات لم ترقَ لأن تكون استراتيجية بين الجانبين. فالواقع ان الدعم الاسرائيلي للفصائل الكردية يأتي انطلاقاً من رغبة إسرائيل في خلق كيانات ضعيفة وتقسيم الدول العربية الأم بهدف إضعافها ومن هنا كانت دوماً المحاولات الاسرائيلية بدعم الجانب الكردي ومحاولة استمالته لعداء إيران وخلق حليف لإسرائيل في هذه المنطقة.

في الواقع فإن حديث إسرائيل عن أحقية الأكراد في بناء دولة مستقلة باعتبار أن من حق الشعوب تقرير مصيرها هو أمر هزلي فكيف لدولة منتهكة لهذا الحق بالأساس أن تنادي بتفعيله. ولكن وعلى صعيدٍ آخر، فإن إسرائيل ورغم مايظهر للعلن بتدهوُرعلاقاتها مع تركيا إلا أنها تجمعها بها علاقات شراكة قوية تجعل الدعم الاسرائيلي لأكراد تركيا أمراً صعباً وذكرت أنباء عن تعاون تركي/إسرائيلي لتدريب مقاتلي داعش لمواجهة الاكراد في الشمال السوري، وعليه فإسرائيل تتبع سياسة الكيل بمكيالين.

ورغم وجود تحفظات على السيد/ عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني إلا أنه يرفض تماماً استغلال القوى الإقليمية والدولية للشعب الكردي لتحقيق أجندته الخاصة أو لترسيخ العداوة مع الشعوب العربية رافضاً ماتقوم به إسرائيل من استغلال للانقسامات الدينية والعرقية بهدف إضعاف دول المنطقة.

داعياً في السياق إلى ضرورة مواجهة المُخطِط الإسرائيلي الذي تروِج له إسرائيل بأنها الداعم الوحيد في المنطقة للمطالب الكردية، منوهاً لأن إسرائيل تنتهك حقوق مايقارب 160 ألف كردي يتواجدون بداخلها ويحملون الديانة اليهودية. مؤكداً على أن التقارب العربي/ الكردي سيساهم في مواجهة المخططات الإسرائيلية وضرورة التعامل بحذر لمنع المخططات الاسرائيلية التي تسعى لإفساد أي محاولات للتقارب، ولابد من الدعم والمساندة العربية للأكراد للوقوف أمام أية مطامع إقليمية والنظر في مدى إمكانية استخدام الورقة الكردية لمواجهة الأطماع التركية في هذه المرحلة والبدء في التعامل مع النظام التركي بذات المنهجية.

– تعليقاً على ذلك، نوَه السفير/عزت سعد إلى أن كل دول العالم تمتلك أقليات عرقية ودينية ولكن لايوجد نظام سياسي يطارد الأقليات بالطائرات وعمليات القتل بل ووصمهم بالإرهابيين كما يقوم النظام التركي، والواقع أن هذه السياسة تمثل نقطة ضعف خطيرة في السياسة التركية في ظل رؤيته وتوجسه من هذه الأقليات داعياً إلى أهمية بحث دول المنطقة في موضوع الأقليات وكيفية إعطائهم حقوقهم الثقافية والإجتماعية للوقوف أمام  أية أجندات خارجية تستميلهم لمعاداة الوطن الأم.

خامساً: فرص التقارب العربي/الكردي لمواجهة العدو المشترك ( القواسم المشتركة والتباينات):

حول هذا المحور تحدث أ. الملا ياسين رؤوف- رئيس مكتب الاتحاد الوطني الكردستاني بالقاهرة، الذي أكد على حتمية التقارب العربي الكردي خاصةُ وأن التقارب فيما بين العرب والأكراد هو تشارك حدودي كما أن نقاط التقارب والتفاهم تفوق نقاط الخلاف في ظل مايجمع الجانبان من تقارب ثقافي وحدودي واقتصادي، فضلاً عن وجود أعداء مشتركين تجعل من التقارب حتمية ضرورية وتحالف دائم إن لم يكن أبدي. فالأمن القومي الكردي مرتبط بالأمن القومي العربي وأن تواريخ الحروب بين العرب والأكراد هو نتيجة لسياسات أنظمة عربية عنصرية وكان رد فعل الأكراد بهدف الحصول على أقل الحقوق الإنسانية بالحفاظ على القومية والهوية والثقافة الكردية وليس هناك أي عداء للعرب لا دولاً ولا شعوباً، كما أن الأكراد يدركون عمقهم العربي وأهمية التعاون لمواجهة العدو المشترك، ومكافحة الإرهاب الذي عانى منه العرب والأكراد على السواء.

منوهاً لأن الأحزاب السياسية في إقليم كردستان العراق وعلى رأسهم الاتحاد الوطني الكردستاني يؤمنون بأهمية مراجعة حساباتنا وأن التعاون الحقيقي يكون مع العراق لامع طهران ولا أنقرة، وأن مصر بصفتها الدولة القائدة للمنطقة العربية صاحبة أكبر كتلة حضارية ونشطة وأكثر الدول العربية إرادة وسياسة قادرة على قيادة الترويكا العربية تشاركها فيها السعودية والإمارات بما تمتلكانه من وفرة مالية وتكنولوجية وهذه الدول الثلاث قادرة على قيادة العرب أنظمة وشعوباً. كما أن على الكرد السعي لإنعاش القواسم المشتركة لإحياء المصالح المشتركة بين الدول العربية وبين الأكراد خاصةً وأن كلاً من تركيا وإيران أصبحا خصمين سياسيين مشترك للطرفين في ظل أطماعهما لتحقيق الزعامة بما يهدد مصالح الدول العربية وهو مايعني حتمية التعاون لمواجهة هذا العداء المشترك وحماية مصالحهما وتعزيز التعاون في كافة المجالات، وهذا يمكن من خلال توحيد القوى والإمكانيات المتوافرة في المناطق الكردية واستثمار مايجمع الشعوب من علاقات قوية لمنع وقوع الخيرات الكردية في أطماع دول معادية أخرى. محذراً في ختام كلمته من أن أي تقارب كردي إسرائيلي هويهدف إبعاد الأكراد عن الطرف العربي، محذراً من أنه لايمكن لنظام يضطهد مابه من أقليات بأن يدافع عن أقليات أخرى فالسياسة واحدة.

خاتمة:

– اختتم السفير/ عزت سعد أعمال الندوة بالتأكيد على أن لأردوغان مفهوم مختلف لإرث الامبراطورية العثمانية وهو مفهوم مختلف كثيراً عن مفهوم العرب الذين يرون تلك الامبراطورية نموذج للخوف والظلم والظلام.

– هناك حاجة ملحة لبلورة موقف عربي وإقليمي لمواجهة الطُموحات الأردوغانية سواءً في منطقة شرق المتوسِط أو الشَرق الأوسط وإفريقيا بصفةٍ عامة.

– أن أردوغان استطاع توظيف مالديه من أوراق بشكلٍ جيد، فسعى لتأسيس نظام اقتصادي يكون جزءاً من المنظومة الاقتصادية العالمية بالاعتماد على الأموال الأوروبية، ثم استغل الانقسام العربي وسعى لاتخاذ بعض المواقف لكسب تأييد الشعوب العربية، فمثلاً ورغم كونه عضو في حلف الناتو رفض السماح للقوات الأمريكية باستخدام الأراضي التُركية لضرب العراق في 2003، وعليه فقد تمكن أردوغان في العقد الأول من حكمه في بناء دولة قوية ولكن عدم تخليه عن هذه السياسات وانتهاجه لسياسته الراهنة سيدمر كل ماقد بناه.

Leave a reply:

Your email address will not be published.

Mobile Sliding Menu